كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> استدّل به من أنكر الاستنجاء بالماء وقد أنكره به حذيفة وابن الزبير وسعد بن مالك وابن المسيب وكان الحسن لا يستنجي به وقال عطاء‏:‏ غسل الدبر مجوسية‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رمز المصنف لصحته ليس كما قال فقد قال الزين العراقي‏:‏ فيه قيس بن الربيع صدوق يسيء الحفظ، وقال الحافظ الهيثمي‏:‏ فيه قيس بن الربيع وثقه الثوري وضعفه جمع كثيرون اهـ‏.‏ وهذا الحديث في الصحيحين بلفظ من استجمر فليوتر، وفي أبي داود وابن ماجه بزيادة من فعل فحسن ومن لا فلا حرج، وإنما آثر المؤلف هذه الرواية لصراحتها في الردّ على الحنفية القائلين بالاكتفاء بدون الثلاث‏.‏

8402 - ‏(‏من استحل بدرهم‏)‏ في النكاح كذا هو ثابت في المتن في رواية الطيالسي وأبو يعلى وغيرهما وهذا حكاه ابن حجر في الفتح وكأنه سقط من قلم المصنف ‏(‏فقد استحل‏)‏ أي طلب حل النكاح كذا قرره البيهقي وساقه شاهداً على جواز النكاح بصداق كثر أو قل‏.‏ وفيه أنه لا حد لأقل المهر قال ابن المنذر‏:‏ فيه رد على من زعم أن أقل المهر عشرة دراهم ومن قال ربع دينار قال المازري‏:‏ تعلق به من أجاز النكاح بأقل من ربع دينار لكن مالك قاسه على القطع في السرقة وقال عياض‏:‏ تفرد به مالك عن الحجازيين وأجازه الكافة بما تراضى عليه الزوجان قال ابن حجر‏:‏ وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شيء، منها هذا الحديث‏.‏

- ‏(‏هق‏)‏ من حديث وكيع بن يحيى بن عبد الرحمن ‏(‏عن ابن أبي لبيبة‏)‏ تصغير لبة عن أبيه عن جده قال الذهبي في المهذب‏:‏ قلت يحيى واه اهـ‏.‏ وعزاه ابن حجر لابن أبي شيبة باللفظ المزبور عن ابن أبي لبيبة المذكور وقال‏:‏ لا يثبت وعزاه الهيثمي لأبي يعلى وقال‏:‏ فيه يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ضعيف‏.‏

8403 - ‏(‏من استطاب بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع كنّ له طهوراً‏)‏ بضم الطاء ومن استطاب بأقل من ثلاث أحجار أو ما في معناها كما صرح به في رواية مسلم بقوله ولا يستنج أحدكم بأقل من ثلاثة أحجار وأخذ بهذا الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث فاشترطوا أن لا ينقص عن ثلاث مع رعاية الإنقاء إذا لم يحصل بها فيزاد حتى ينقى ويسن حينئذ الإيتار بقوله في حديث من استجمر فليوتر وليس بواجب لزيادة في أبي داود وقال ابن حجر‏:‏ حسنة الإسناد ومن لا فلا حرج وبه يحصل الجمع بين الروايات وأما الاستدلال على عدم اشتراط العدد بالقياس على مسح الرأس ففاسد الاعتبار لأنه في مقابلة النص الصريح‏.‏

- ‏(‏طب عن خزيمة بن ثابت‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

8404 - ‏(‏من استطاع‏)‏ أي قدر ‏(‏أن يموت بالمدينة‏)‏ أي أن يقيم فيها حتى يدركه الموت ‏(‏فليمت بها‏)‏ أي فليقم بها حتى يموت فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى له أن يموت بها إطلاقاً للمسبب على سببه كما في ‏{‏ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون‏}‏ ‏(‏فإني أشفع لمن يموت بها‏)‏ أي أخصه بشفاعة غير العامة زيادة في الكرامة، وأخذ منه حجة الإسلام ندب الإقامة بها مع رعاية حرمتها وحرمة ساكنيها وقال ابن الحاج‏:‏ حثه على محاولة ذلك بالاستطاعة التي هي بذل المجهود في ذلك فيه زيادة اعتناء بها ففيه دليل على تمييزها على مكة في الفضل لإفراده إياها بالذكر هنا قال السمهودي‏:‏ وفيه بشرى للساكن بها بالموت على الإسلام لاختصاص الشفاعة بالمسلمين وكفي بها مزية فكل من مات بها فهو مبشر بذلك، ويظهر أن من ‏[‏ص 54‏]‏ مات بغيرها ثم نقل ودفن بها يكون له حظ من هذه الشفاعة ولم أره نصاً‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في أواخر الجامع ‏(‏ه‏)‏ في الحج ‏(‏حب‏)‏ كلهم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الترمذي‏:‏ حسن صحيح غريب، قال الهيثمي‏:‏ ورجال أحمد رجال الصحيح خلا عبد اللّه بن عكرمة ولم يتكلم فيه أحد بسوء‏.‏

8405 - ‏(‏من استطاع‏)‏ أي قدر إذ هي والقدرة والقوة إذا أطلقت في حق العبد ألفاظ مترادفة عند أهل الأصول كما سبق ‏(‏أن يكون له خبء‏)‏ أي شيء مخبوء أي مدخر ‏(‏من عمل صالح فليفعل‏)‏ أي من قدر منكم أن يمحو ذنوبه بفعل الأعمال الصالحة فليفعل ذلك وحذف المفعول اختصاراً، قال ابن الكمال‏:‏ والاستطاعة عرض يخلقه اللّه في الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية‏.‏

- ‏(‏الضياء‏)‏ في المختارة وكذا الخطيب في تاريخه في ترجمة عمر الوراق ‏(‏عن الزبير‏)‏ بن العوّام قال ابن الجوزي‏:‏ قال الدارقطني‏:‏ رفعه إسحاق بن إسماعيل ولم يتابع عليه وقد رواه شعبة وزهير والقطان وهشيم وابن عيينة وأبو معاوية وعبدة ومحمد بن زياد عن إسماعيل عن قيس عن الزبير موقوفاً وهو الصحيح‏.‏

8407 - ‏(‏من استطاع منكم أن ينفع أخاه‏)‏ أي في الدين، قال في الفردوس‏:‏ يعني بالرقية ‏(‏فلينفعه‏)‏ أي على جهة الندب المؤكد وقد تجب في بعض الصور وقد تمسك ناس بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها وإن لم يعقل معناها، لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي الى شرك يمنع وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه فيمنع احتياطاً وحذف المنتفع به لإرادة التعميم فيشمل كل ما ينتفع به نحو رقية أو علم أو مال أو جاه أو نحوها، وفي قوله منكم إشارة إلى أن نفع الكافر أخاه بنحو صدقة عليه لا يثاب عليه في الآخرة وهو ما عليه جمع ‏{‏والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة‏}‏ قال الحرالي‏:‏ والنفع حصول موافق الجسم الظاهر وما يتصل به في مقابلة الضر ولذلك يخاطب به الكفار كثيراً لوقوع معنييهما في الظاهر الذي هو مقصدهم ‏{‏يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا‏}‏ وقال الكرماني‏:‏ المنفعة اللذة أو ما يكون وسيلة إلى اللذة‏.‏

- ‏(‏حم م ه‏)‏ في الطب ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه، قال‏:‏ نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الرقى فجاء عمرو بن حزم فقال‏:‏ يا رسول اللّه كانت عندنا رقية نرقي بها العقرب وإنك نهيت عن الرقى فعرضوها عليه فقال‏:‏ ما أرى بأساً ثم ذكره، وفي رواية لمسلم أيضاً عن جابر قال‏:‏ لدغت رجلاً منا عقرب ونحن جلوس مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال رجل‏:‏ يا رسول اللّه أرق‏؟‏ فذكره كأن السائل عرف أنه من حق الإيمان أن يعتقد أن المقدور كائن لا محالة ووجد الشرع يرخص في الاسترقاء ويأمر بالتداوي وبالإتقاء عن مواطن المهلكات فأشكل عليه الأمر كما أشكل على الصحب حين أخبروا أن الكتاب يسبق على الرجل فقالوا‏:‏ ففيم العمل‏.‏

8406 - ‏(‏من استطاع منكم أن يقي دينه وعرضه‏)‏ بكسر العين، محل الذم والمدح منه ‏(‏بماله فليفعل‏)‏ ندباً مؤكداً‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في البيع من حديث أبي عصمة نوح عن عبد الرحمن بن بديل ‏(‏عن أنس‏)‏ وقد سكت المصنف كالحاكم عليه فأوهم أنه لا علة فيه وليس كما أوهم فقد استدركه الذهبي على الحاكم فقال‏:‏ قلت نوح هالك‏.‏

8408 - ‏(‏من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد‏)‏ ذكر أو أنثى نائم أو مستيقظ آدمي أو دابة أو غير ذلك ‏(‏فليفعل‏)‏ ندباً‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي سعيد‏)‏ الخدري رمز المصنف لحسنه‏.‏

‏[‏ص 55‏]‏ 8409 - ‏(‏من استطاع منكم أن يستر أخاه المؤمن بطرف ثوبه فليفعل‏)‏ ذلك فإنه قربة يثاب عليها قال الحرالي‏:‏ والاستطاعة مطاوعة النفس في العمل وإعطاؤها الانقياد فيه‏.‏

- ‏(‏فر عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه وفيه المنكدر بن محمد المنكدر أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ اختلف قول أحمد فيه‏.‏

8410 - ‏(‏من استعاذ باللّه فأعيذوه‏)‏ أي من سألكم أن تدفعوا عنه شركم أو شر غيركم باللّه كقوله باللّه عليك أن تدفع عني شر فلان وإيذاءه واحفظني من فلان فأجيبوه واحفظوه لتعظيم اسم اللّه ذكره المظهر، وقال الطيبي‏:‏ قد جعل متعلق استعاذ محذوفاً وباللّه حالاً أي من استعاذ بكم متوسلاً باللّه مستعطفاً به ويمكن أن يكون باللّه صلة استعاذ، والمعنى من استعاذ باللّه فلا تتعرضوا له بل أعيذوه وادفعوا عنه الأذى فوضع أعيذوه موضعه مبالغة ولهذا لما تزوج المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم الجونية وهمَّ ليقبلها فقالت‏:‏ أعوذ باللّه منك فقال‏:‏ قد عذت بمعاذ إلحقي بأهلك ‏(‏ومن سألكم بوجه اللّه‏)‏ شيئاً من أمر الدنيا والآخرة ‏(‏فأعطوه‏)‏ وقد ورد الحث على إعطائه بأعظم من هذا فروى الطبراني ملعون من سئل بوجه اللّه وقد سبق تقييده وورد أن الخضر أعطى نفسه لمن سأله فيه فباعه‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ من حديث أبي نهيك ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الترمذي في العلل وذكر أنه سأل البخاري عن أبي نهيك فلم يعرف اسمه‏.‏

8411 - ‏(‏من استعاذكم‏)‏ أي من سأل منكم الإعاذة مستعيناً ‏(‏باللّه‏)‏ عند ضرورة أو حاجة حلت به أو ظلم ناله أو تجاوز عن جناية ‏(‏فأعيذوه‏)‏ أي أعينوه أو أجيبوه فإن إغاثة الملهوف فرض وفي رواية بدل أعيذوه أعينوه أي على ما تجوز الإعانة فيه ‏{‏وتعاونوا على البر والتقوى‏}‏ ‏(‏ومن سألكم باللّه‏)‏ أي بحقه عليكم وأياديه لديكم أو سألكم باللّه أي في اللّه أي سألكم شيئاً غير ممنوع شرعاً دنيوياً أو أخروياً ‏(‏فأعطوه‏)‏ ما يستعين به على الطاعة إجلالاً لمن سأل به فلا يعطى من هو على معصية أو فضول كما صرح به بعض الفحول ‏(‏ومن دعاكم فأجيبوه‏)‏ وجوباً إن كان لوليمة عرس وتوفرت الشروط المبينة في الفروع وندباً في غيرها ويحتمل من دعاكم لمعونة في بر أو دفع ضر ‏(‏ومن صنع إليكم معروفاً‏)‏ هو اسم جامع للخير ‏(‏فكافئوه‏)‏ على إحسانه بمثله أو خير منه ‏(‏فإن لم تجدوا ما تكافئوه‏)‏ في رواية بإثبات النون وفي رواية المصابيح بحذفها قال الطيبي‏:‏ سقطت من غير جازم ولا ناصب إما تخفيفاً أو سهواً من النساخ ‏(‏فادعوا له‏)‏ وكرروا له الدعاء ‏(‏حتى تروا‏)‏ أي تعلموا ‏(‏أنكم قد كافأتموه‏)‏ يعني من أحسن إليكم أيّ إحسان فكافئوه بمثله فإن لم تقدروا فبالغوا في الدعاء له جهدكم حتى تحصل المثلية، ووجه المبالغة أنه رأى من نفسه تقصيراً في المجازاة فأحالها إلى اللّه ونعم المجازي هو، قال الشاذلي‏:‏ إنما أمر بالمكافأة ليستخلص القلب من إحسان الخلق ويتعلق بالملك الحق‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الأدب ‏(‏ن‏)‏ في الزكاة ‏(‏حب ك‏)‏ كلهم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب، قال النووي في رياضه‏:‏ حديث صحيح‏.‏

8412 - ‏(‏من استعجل أخطأ‏)‏ أو كاد لأن العجلة تحمل على عدم التدبر والتأمل وقلة النظر في العواقب فيقع الخطأ ومن ثم قيل إنما تكون الزلة من العجلة، قال ابن الكمال‏:‏ والاستعجال طلب تعجيل الأمر قبل مجيء وقته‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن الحسن مرسلاً‏)‏ وهو البصري‏.‏

‏[‏ص 56‏]‏ 8413 - ‏(‏من استعف‏)‏ بفاء واحدة مشدّدة وفي رواية استعفف بفاءين أي طلب العفة وهي الكف عن الحرام وعن السؤال ‏(‏أعفه اللّه‏)‏ أي جعله عفيفاً من الإعفاف وهو إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي ‏(‏ومن‏)‏ ترقى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى منها و‏(‏استغنى‏)‏ أي أظهر الغنى عن الخلق ‏(‏أغناه اللّه‏)‏ أي ملأ اللّه قلبه غنى لأن من تحمل الخصاصة وكتم الفقر فصبر علماً بأن اللّه القادر على كشفها كان ذلك تعرضاً لإزالتها عنه كالمعترّ الذي يتعرض ولا يسأل وقد أمر اللّه بإعطاء المعترّ فاللّه أولى أن يعطي من يتعرض لفضله ‏(‏ومن سأل الناس‏)‏ أن يعطوه من أموالهم مدعياً للفقر ‏(‏وله عدل خمس أواق‏)‏ من الفضة جمع أوقية ‏(‏فقد سأل إلحافاً‏)‏ أي إلحاحاً وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه فهو نصب على الحال أي ملحفاً يعني سؤال إلحاف أو عامله محذوف وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفني من فضل إلحاله أي أعطاني من فضل ما عنده‏.‏

- ‏(‏حم عن رجل من مزينة‏)‏ من الصحابة وجهالته لا تضر لأن الصحابة عدول وقد رمز المصنف لحسنه‏.‏

8414 - ‏(‏من استعمل رجلاً من عصابة‏)‏ ‏[‏بكسر أوله أي جماعة‏]‏ يعني أي إمام أو أمير نصب أميراً أو قيماً أو عريفاً أو إماماً للصلاة على قوم وفيهم من هو أي ذلك المنصوب ‏(‏أرضى للّه منه فقد خان‏)‏ أي من نصبه ‏(‏اللّه ورسوله والمؤمنين‏)‏ ‏[‏فيلزم الحاكم رعاية المصلحة وتركها خيانة‏]‏‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الأحكام من حديث حسين بن قيس عن عكرمة ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ وقال‏:‏ صحيح وتعقبه الذهبي فقال‏:‏ حسين ضعيف وقال المنذري‏:‏ حسين هذا هو حنش وهو واه وقال ابن حجر‏:‏ فيه حسين بن قيس الرحبي واه وله شاهد من طريق إبراهيم بن زياد أحد المجهولين عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس وهو في تاريخ الخطيب‏.‏

8415 - ‏(‏من استعملناه‏)‏ أي جعلناه عاملاً أو طلبنا منه العمل، والضمير راجع إلى من وقوله ‏(‏على عمل‏)‏ متعلق باستعملنا ‏(‏فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول‏)‏ أي أخذ للشيء بغير حله فيكون حراماً بل كبيرة، قال في المطامح‏:‏ وقد يطلق الغلول على ما يسرق من المغنم وهو الغالب العرفي‏.‏

<تنبيه> قال الطيبي‏:‏ قوله فما أخذ جزاء الشرط وما موصولة والعائد محذوف وهو خبره وجيء بالفاء لتضمنه معنى الشرط ويجوز كونها موصوفة‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الخراج ‏(‏ك‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن بريدة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ على شرطهما وأقره الذهبي‏.‏

8416 - ‏(‏من استعملناه منكم‏)‏ خطاب للمسلمين وخرج به الكافر فاستعماله على شيء من أموال بيت المال ممنوع ‏(‏على عمل فكتمنا‏)‏ بفتح الميم أخفى عنا ‏(‏مخيطاً‏)‏ بكسر الميم وسكون الخاء إبرة ونصبه على أنه بدل من ضمير المتكلم بدل اشتمال أي كتم مخيطاً ‏(‏فما فوقه‏)‏ عطفاً على مخيطاً أي شيئاً يكون فوق الأبرة في الصغر ‏(‏كان‏)‏ الضمير عائد الى مصدر كتمنا ‏(‏ذلك غلولاً‏)‏ أي خيانة ففيه تشبيه ذلك الكتم بالغلول من الغنيمة في فعله أو وباله يوم القيامة ‏(‏يأتي به‏)‏ أي بما غل ‏(‏يوم القيامة‏)‏ ‏[‏أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول وأنه من الكبائر وأن عليه رد ما غله فإن تفرق الجيش وتعذر إيصال حق كل واحد إليه ففيه خلاف للعلماء قال الشافعي وطائفة‏:‏ يجب تسليمه للإمام أو الحاكم كسائر الأموال الضائعة‏.‏ وقال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية والحسن الزهري والأوزاعي ومالك الثوري والليث وأحمد والجمهور‏:‏ يدفع خمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقي، واختلفوا في صفة عقوبة الغال فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار‏:‏ يعزر على حسب ما يراه الإمام ولا تحرق ثيابه وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم‏]‏ تفضيحاً وتعذيباً له وهذا مسوق لتحريض العمال على الأمانة وتحذيرهم من الخيانة ولو في تافه وللحديث تتمة وهي فقام رجل إليه أي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال‏:‏ يا رسول اللّه أقبل مني عملك قال‏:‏ وما لك قال‏:‏ سمعتك تقول كذا وكذا قال‏:‏ وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم على عمل فليجىء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه اهـ‏.‏ كذا في مسلم‏.‏

- ‏(‏م د‏)‏ في الخراج ‏(‏عن‏)‏ أبي ذرارة عن عدي ‏(‏بن عميرة‏)‏ بفتح العين المهملة فكسر الميم وآخره هاء ابن فروة الكندي صحابي مات في خلافة معاوية وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن أصحابه والأمر بخلافه بل خرجه بعينه البخاري عن أبي حميد الساعدي ولعل المصنف غفل لكون البخاري إنما ذكره في ذيل خطبة أولها أما بعد‏.‏

8417 - ‏(‏من استغفر اللّه دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم‏)‏ بالنصب صفة أو مدح للّه وبالرفع بدل من الضمير أو خبر مبتدأ محذوف على المدح ‏(‏وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان قد فرّ من الزحف‏)‏ حيث لا يجوز الفرار لكون عددنا لا يبلغ عدد نصف الكفار قال الطيبي‏:‏ في تخصيص ذكر الفرار من الزحف إدماج معنى أن نصف هذا الذنب من أعظم الكبائر لأن السياق وارد في الاستغفار وعبارة في المبالغة عن حط الذنوب عنه فيلزم بإشارته أن هذا الذنب أعظم الذنوب‏.‏

- ‏(‏ع وابن السني‏)‏ أبو بكر أحمد بن محمد ‏(‏عن البراء‏)‏‏.‏

8418 - ‏(‏من استغفر اللّه في كل يوم سبعين مرة لم يكتب من الكاذبين‏)‏ لأنه يبعد أن المؤمن يكذب في اليوم سبعين مرة ‏(‏ومن استغفر اللّه في‏)‏ كل ‏(‏ليلة سبعين مرة لم يكتب من الغافلين‏)‏ عن ذكر اللّه، قال بعض العارفين لآخر‏:‏ أوصني قال‏:‏ ما أدري ما أقول غير أنك لا تفتر عن الحمد والاستغفار فإن ابن آدم بين نعمة وذنب ولا تصلح النعمة إلا بالحمد والشكر ولا الذنب إلا بالتوبة والاستغفار‏.‏

- ‏(‏ابن السني عن عائشة‏)‏ ورواه عنها أيضاً الديلمي باللفظ المزبور‏.‏

8419 - ‏(‏من استغفر‏)‏ اللّه ‏(‏للمؤمنين والمؤمنات‏)‏ بأي صفة كانت، وورد في ذلك صيغ بألفاظ متقاربة ‏(‏كتب اللّه له‏)‏ أي أمر اللّه الحفظة أن تكتب له في صحيفته ‏(‏بكل مؤمن ومؤمنة حسنة‏)‏ قال علي كرم اللّه وجهه‏:‏ العجب ممن يهلك ومعه النجاة، قيل‏:‏ وما هي‏؟‏ قال‏:‏ الاستغفار وقال بعضهم‏:‏ العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الاستغفار‏.‏

- ‏(‏طب عن عبادة‏)‏ بن الصامت، قال الهيثمي‏:‏ وإسناده جيد‏.‏

8420 - ‏(‏من استغفر‏)‏ اللّه ‏(‏للمؤمنين والمؤمنات كل يوم سبعاً وعشرين مرة كان من الذين يستجاب لهم‏)‏ الدعاء ‏(‏ويرزق ‏[‏ص 58‏]‏ بهم أهل الأرض‏)‏ قال الغزالي‏:‏ ورد في فضل الاستغفار أخبار خارجة عن الحصر حتى قرنه اللّه ببقاء الرسول فقال‏:‏ ‏{‏وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ وقال بعضهم‏:‏ كان لنا أمانان أحدهما كون الرسول فينا فذهب وبقي الاستغفار فإن ذهب هلكنا‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي الدرداء‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه عثمان بن أبي عاتكة وثقه غير واحد وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات‏.‏

8421 - ‏(‏من استغنى‏)‏ باللّه عمن سواه ‏(‏أغناه اللّه‏)‏ أي أعطاه ما يستغني به عن الناس ويخلق في قلبه الغنى فإن الغنى غنى النفس ‏(‏ومن استعف‏)‏ أي امتنع عن السؤال ‏(‏أعفه اللّه‏)‏ بتشديد الفاء أي جازاه اللّه على استعفافه بصيانة وجهه ودفع فاقته ‏(‏ومن استكفى‏)‏ باللّه ‏(‏كفاه اللّه‏)‏ ما أهمه ورزقه القناعة، قال ابن الجوزي‏:‏ لما كان التعفف يقتضي ستر الحال عن الخلق وإظهار الغنى عنهم كان صاحبه معاملاً للّه في الباطن فيقع له الربح على قدر صدقه في ذلك وقال الطيبي‏:‏ معنى قوله من استغنى أعفه اللّه يعف عن السؤال وإن لم يظهر الاستعفاف عن الناس لكنه إن أعطى شيئاً لم يتركه يملأ اللّه قلبه غنى بحيث لا يحتاج إلى سؤال ومن داوم على ذلك وأظهر الاستعفاف وتصبر ولو أعطى لم يقبل فهو أرفع درجة، والصبر جامع لمكارم الأخلاق وقال ابن التين‏:‏ معنى قوله أعفه إما يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال وإما أن يرزقه القناعة، وقال الحرالي‏:‏ من ظن أن حاجته يسدها المال فليس براً إنما البر الذي أيقن أن حاجته إنما يسددها ربه ببره الخفي وجوده الوفي ‏(‏ومن سأل‏)‏ الناس ‏(‏وله قيمة أوقية‏)‏ من الوقاية لأن المال مخزون مصون أو لأنه يقي الشخص من الضرورة والمراد بها في غير الحديث نصف سدس رطل قال الجوهري وغيره‏:‏ أربعون درهماً كذا كان، قال البرماوي وغيره‏:‏ وأما الآن فيما يتعارف ويقدر عليه الأطباء فعشرة دراهم وخمسة أسباع درهم اه،‏.‏ وأقول‏:‏ كذا كان والآن اثني عشر درهماً ‏(‏فقد ألحف‏)‏ أي سأل الناس إلحافاً تبرماً بما قسم له‏.‏

<تنبيه> مقصود الحديث الإشارة إلى أن في طلب الرزق من باب المخلوق ذلاً وعناءاً وفي طلبه من الخالق بلوغ المنى والغنى‏.‏ قال بعض العارفين‏:‏ من استغنى باللّه افتقر الناس إليه‏.‏

قف بباب الواحد * تفتح لك الأبواب * واخضع لسبب واحد * تخضع لك الرقاب

هذا‏:‏ وربنا يقول ‏{‏وإن من شيء إلا عندنا خزائنه‏}‏ فأين الذهاب والغنى غنى النفس من الحظوظ والأغراض لا غنى اليد بفاني الأعراض‏.‏

إن الغنى هو الغنى بنفسه * ولو أنه عاري المناكب حافي

ما كل ما فوق البسيطة كافي * فإذا قنعت فبعض شيء كافي

- ‏(‏حم ن والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري، قال‏:‏ سرحتني أمي إلى النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم أسأله فأتيته فوجدته قائماً يخطب وهو يقول ذلك فقلت في نفسي‏:‏ لنا خير من خمس أواق فرجعت ولم أسأله‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

8422 - ‏(‏من استفاد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول‏)‏‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب مرفوعاً وموقوفاً قال الترمذي‏:‏ والموقوف أصح لأن فيه من طريق المرفوع عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف عندهم وقال ابن المديني وغيره‏:‏ كثير الغلط اهـ وقال الذهبي‏:‏ فيه عبد الرحمن بن يزيد واه وصح من قول ابن عمر، وقال ابن الجوزي‏:‏ لا يصح مرفوعاً‏.‏

8423 - ‏(‏من استفتح أول نهاره بخير وختمه بالخير‏)‏ كصلاة وذكر وتسبيح وتحميد وتهليل وصدقة وأمر بمعروف ونهي عن منكر ونحو ذلك ‏(‏قال اللّه لملائكته‏)‏ يعني الحافظين الموكلين به ‏(‏لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب‏)‏ يعني الصغائر كما في قياس النظائر، ويحتمل التعميم وفضل اللّه عظيم‏.‏

- ‏(‏طب والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن عبد اللّه بن يسر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه الجراح بن يحيى المؤذن لم أعرفه وبقية رجاله ثقات‏.‏

8424 - ‏(‏من استلحق شيئاً ليس منه حتَّه اللّه حتَّ الورق‏)‏ أي ورق الشجر‏.‏

- ‏(‏الشاشي‏)‏ أبو الهيثم بن كليب الأديب يروي الشمائل عن الترمذي نسبة إلى الشاشى بمعجمتين مدينة وراء نهر سيحون خرج منها جمع من العلماء ‏(‏والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص‏.‏

8425 - ‏(‏من استمع إلى آية من كتاب اللّه‏)‏ أي أصغى إلى قراءة آية منه وعدّى الاستماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء قال في الكشاف‏:‏ الاستماع جار مجرى الإصغاء والاستماع من السمع بمنزلة النظر من الرؤية ويقال استمع إلى حديثه وسمع حديثه، أي أصغى إليه وأدركه بحاسة السمع اهـ ‏(‏كتب اللّه له حسنة مضاعفة ومن تلى آية من كتاب اللّه كانت له نوراً يوم القيامة‏)‏ إشارة إلى أن الجهر بالقراءة أفضل لأن النفع المتعدي أفضل من اللازم ومحله إن لم يخف نحو رياء كما يفيده أخبار أخر‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي هريرة‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ وفيه ضعف وانقطاع وقال تلميذه الهيثمي‏:‏ فيه عباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره ووثقه ابن معين مرة وضعفه أخرى‏.‏

8426 - ‏(‏من استمع‏)‏ أي أصغى ‏(‏إلى حديث قوم وهم له‏)‏ أي لمن استمع ‏(‏كارهون‏)‏ أي لا يريدون استماعه، قال الزمخشري‏:‏ الجملة حال من القوم أو من ضمير استمع، يعني حال كونهم يكرهونه لأجل استماعه أو يكرهون استماعه إذا علموا ذلك أو صفة قوم والواو لتأكيد لصوقها بالموصوف نظير ‏{‏سبعة وثامنهم كلبهم‏}‏ قال‏:‏ والقوم الرجال خاصة وهذه صفة غالبة جمع قائم كصاحب وصحب اهـ ‏(‏صب‏)‏ بضم المهملة وشد الموحدة ‏(‏في أذنيه‏)‏ بالتثنية وفي رواية للبخاري بالإفراد ‏(‏الآنك‏)‏ بفتح الهمزة الممدودة وضم النون‏:‏ الرصاص أو الخالص منه أو الأسود أو الأبيض أو القصدير‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ وهي أعجمية وقال الجوهري‏:‏ أفعل بضم العين من أبنية الجمع ولم يجىء عليه الواحد إلا آنك والجملة إخبار أو دعاء عليه، وفيه وعيد شديد وموضعه فيمن يستمع لمفسدة كنميمة أما مستمع حديث قوم يقصد منعهم من الفساد أو ليحترز من شرهم فلا يدخل تحته بل قد يندب بل يجب بحسب المواطن، والرسائل حكم المقاصد ‏(‏ومن أرى عينه في المنام ما لم ير كلف أن يعقد شعيرة‏)‏ زاد الإسماعيلي يعذب بها وليس بفاعل وفي رواية بين شعيرتين وذلك ليطول عذابه لأن عقد ما بين الشعير مستحيل، قال الطبري‏:‏ إنما شدد الوعيد على الكذب على المنام مع أن الكذب يقظة أشد مفسدة لأن كذب المنام كذب على اللّه وقال القونوي‏:‏ هذه المجازات والعقوبة صادرة من مقام العدل لأن العالم محصور في صورة، ومعنى قلب في جسم وروح وعالم المثال برزخ بينهما جامع بين الطرفين وخيال الإنسان جزء من عالم المثال فالمركب في خياله من المواد الحسية والمعنوية يتعمد صورة لم يرها ‏[‏ص 60‏]‏ ثم يخبر عنها بصورة أنه اطلع عليها دون تعمد فقد كذب وأوهم السامع أن الحق أطلعه على ذلك فلا جرم مثل له عالم المعنوي في شعيرة وعالم الصور في شعيرة من الشعور الذي هو الإدراك وكلف أن يعقد بينهما العقد الصحيح على نحو ما ربط الحق سبحانه أحدهما بالآخر فلا يقدر على ذلك عقوبة من اللّه على كذبه به وتعجيزاً له جزاءاً وفاقاً‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

8427 - ‏(‏من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين في الجنة‏)‏ وبقية الحديث عند مخرجه الحكيم قيل‏:‏ ومن الروحانيين يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ قراء أهل الجنة، وهذا يدل على أن في الجنة أئمة كالأمراء وعرفاء وقراء فالأئمة هم الأنبياء والعرفاء هم أهل القرآن الذين عرفوا به في الدنيا والقراء يتلذذ أهل الجنة بأصواتهم سموا روحانيين للروح الذي على قلوبهم من فرحهم باللّه أيام الدنيا وكل أحد في الجنة حظه من اللّه على درجته هنا‏.‏